يُعد العطش من أكثر التحديات التي تواجه الصائمين في شهر رمضان، حيث يصبح الحفاظ على الترطيب أمرًا ضروريًا للتمتع بصيام صحي ومريح. فمع ساعات الصيام الطويلة وارتفاع درجات الحرارة، يشعر الكثيرون بجفاف الحلق والإرهاق بسبب نقص السوائل في الجسم. ولكن، هل فكرت يومًا في الأسباب الحقيقية وراء العطش؟ وهل هناك طرق فعالة للتخفيف منه؟ في هذا المقال، سنكشف لك العوامل التي تؤدي إلى العطش أثناء الصيام، وكيفية التعامل معه بذكاء، بالإضافة إلى أفضل الأغذية التي يمكن تناولها في السحور للحفاظ على الترطيب لأطول فترة ممكنة.
أسباب الشعور بالعطش أثناء الصيام
يحدث العطش عندما يفقد الجسم نسبة من السوائل دون تعويضها، مما يؤدي إلى انخفاض مستوى الترطيب الداخلي، ولكن هناك أسباب أخرى تزيد من الإحساس بالعطش، مثل:
- تناول الأطعمة المالحة والمُبهرة: تؤدي الأطعمة الغنية بالصوديوم، مثل المخللات واللحوم المصنعة، إلى سحب الماء من الخلايا، مما يزيد الشعور بالعطش.
- الإفراط في تناول السكريات والمشروبات الغازية: تؤدي السكريات إلى ارتفاع مفاجئ في نسبة الجلوكوز في الدم، مما يحفز الكلى على التخلص من السوائل الزائدة، مما يزيد من الجفاف.
- الاعتماد على المشروبات التي تحتوي على الكافيين: القهوة والشاي والمشروبات الغازية تزيد من إدرار البول، مما يُسرع فقدان السوائل.
- عدم شرب كمية كافية من الماء بعد الإفطار: الكثير من الصائمين يهملون شرب الماء بشكل تدريجي بعد الإفطار، مما يؤدي إلى بدء اليوم التالي بجسم يعاني من الجفاف بالفعل.
- ارتفاع درجات الحرارة والتعرق الزائد: يزداد فقدان السوائل عند التعرض لأشعة الشمس المباشرة أو القيام بمجهود بدني شاق خلال النهار.
كيف يحافظ الجسم على الترطيب أثناء الصيام؟
يعتبر الجسم نظامًا ذكيًا يعمل باستمرار للحفاظ على توازنه الداخلي، خاصة في الظروف التي تشكل تحديًا مثل الصيام. عندما تقل نسبة السوائل في الجسم، تبدأ مجموعة من الآليات الفسيولوجية في العمل للحفاظ على الماء المتبقي. وأحد أهم هذه الآليات هو إفراز هرمون الفازوبريسين (ADH)، الذي تفرزه الغدة النخامية لتنظيم احتباس الماء في الكلى، مما يقلل من فقدان السوائل عن طريق البول. وهذا هو السبب في أن عدد مرات التبول يقل أثناء الصيام مقارنة بالأيام العادية.
بالإضافة إلى ذلك، يعتمد الجسم على المياه المخزنة في الأنسجة والخلايا لتعويض النقص. تلعب الخلايا الدهنية دورًا مهمًا هنا، حيث تطلق كميات صغيرة من الماء عند استقلابها للحصول على الطاقة. لذلك، فإن الأشخاص الذين يتبعون نظامًا غذائيًا صحيًا غنيًا بالدهون الصحية يجدون أن أجسامهم تتعامل مع العطش بشكل أفضل.
ولكن، في الحالات التي يصبح فيها الجفاف شديدًا، يبدأ الجسم في إرسال إشارات تحذيرية مثل الدوخة، الصداع، جفاف الفم، والإرهاق الشديد. إذا شعرت بهذه الأعراض، فهذا يعني أن جسمك قد استنفد معظم احتياطياته من الماء، وهنا يصبح من الضروري تعديل نظامك الغذائي في السحور والإفطار لضمان ترطيب أفضل في الأيام التالية.
لذلك، إذا كنت ترغب في مساعدة جسمك على الاحتفاظ بالماء لأطول فترة ممكنة، احرص على تناول أطعمة غنية بالبوتاسيوم والمغنيسيوم، مثل الموز، والأفوكادو، والمكسرات، لأنها تعزز توازن السوائل في الجسم، كما أن شرب ماء جوز الهند يعد خيارًا ممتازًا للحفاظ على الترطيب العميق. بهذه الطريقة، يمكنك تعزيز قدرة جسمك على تحمل العطش والشعور بالراحة طوال فترة الصيام.
قد يهمك أيضا: لماذا يحدث الصداع أثناء الصيام؟ وكيف تتغلب عليه؟
كيفية تقليل الشعور بالعطش خلال النهار
لحسن الحظ، هناك طرق فعالة يمكن أن تساعدك في الحفاظ على ترطيب جسمك أثناء الصيام وتقليل الشعور بالعطش، ومنها:
- شرب الماء بانتظام بين الإفطار والسحور: يجب تناول ما لا يقل عن 8-10 أكواب من الماء موزعة على فترات متقطعة، وليس دفعة واحدة، لأن الجسم لن يتمكن من تخزين الماء الزائد.
- تجنب الأطعمة والمشروبات المدرة للبول: مثل المشروبات الغازية والقهوة والشاي، لأنها تزيد من فقدان السوائل بدلاً من تعويضها.
- تناول الفواكه والخضروات الغنية بالماء: مثل الخيار، والبطيخ، والبرتقال، والخس، فهذه الأطعمة تساعد على ترطيب الجسم لفترة أطول.
- تقليل النشاط البدني خلال ساعات الصيام: ممارسة التمارين الرياضية أو الأعمال الشاقة في النهار تؤدي إلى فقدان المزيد من السوائل عن طريق التعرق.
- تجنب التعرض المباشر للشمس: ارتداء الملابس القطنية الفاتحة والبقاء في أماكن جيدة التهوية يساعد في تقليل فقدان السوائل.

أفضل الأطعمة والمشروبات التي تقلل العطش في السحور
اختيار الأطعمة الصحيحة في وجبة السحور يمكن أن يكون له تأثير كبير على مدى قدرتك على تحمل العطش خلال النهار، ومن أفضل هذه الأطعمة:
- الخضروات والفواكه الغنية بالماء: مثل الخيار، الطماطم، البطيخ، البرتقال، والتفاح، حيث تحتوي هذه الأطعمة على نسبة عالية من الماء وتساعد على بقاء الجسم رطبًا.
- الأطعمة الغنية بالألياف: مثل الشوفان وخبز الحبوب الكاملة، لأنها تُهضم ببطء مما يساعد في الحفاظ على مستويات الماء لفترة أطول.
- الزبادي واللبن الرائب: يُعد الزبادي من الأطعمة المثالية للسحور لأنه يحتوي على نسبة جيدة من الماء، كما يساعد في الحفاظ على توازن البكتيريا النافعة في الأمعاء.
- المكسرات النيئة: اللوز والجوز والفستق تحتوي على دهون صحية تساعد في إبطاء امتصاص الماء وتقليل الشعور بالعطش.
- التمر مع الحليب: مزيج التمر مع الحليب يمنح الجسم ترطيبًا طبيعيًا وطاقة تدوم لساعات طويلة دون التسبب في الشعور بالعطش.

أطعمة ومشروبات يجب تجنبها في السحور
تناول بعض الأطعمة في وجبة السحور قد يجعلك أكثر عرضة للعطش خلال النهار، لذا يُفضل تجنب ما يلي:
- الأطعمة المالحة والمخللات: لأنها تزيد من احتباس الصوديوم في الجسم، مما يؤدي إلى الشعور بالعطش الشديد بعد ساعات قليلة من الصيام.
- الأطعمة المقلية والدهنية: تسبب هذه الأطعمة جفاف الجسم لأنها تحتاج إلى كمية كبيرة من الماء لهضمها.
- المشروبات المحتوية على الكافيين: القهوة والشاي تؤدي إلى فقدان الماء بسرعة عن طريق البول، مما يزيد العطش.
- المعجنات والمخبوزات البيضاء: مثل الخبز الأبيض والكيك، لأنها تفتقر إلى الألياف وتؤدي إلى الشعور بالجوع والعطش بسرعة.
- المشروبات الغازية والعصائر الصناعية: تحتوي على نسبة عالية من السكر مما يؤدي إلى جفاف الحلق وزيادة الحاجة إلى الماء.
العطش أثناء الصيام ليس مجرد شعور مزعج، بل هو مؤشر على حاجة الجسم للترطيب، ويمكن التحكم فيه باتباع نظام غذائي متوازن والحرص على ترطيب الجسم بعد الإفطار. من خلال تجنب الأطعمة المالحة والمقلية، والإكثار من الفواكه والخضروات الغنية بالماء، يمكنك تقليل العطش إلى حد كبير والاستمتاع بصيام صحي. اجعل وجبة السحور أداة فعالة لمساعدتك على الصيام دون معاناة، واختر الأطعمة التي تمنحك طاقة وترطيبًا يدومان طوال النهار.
هل لديك تجربة معينة مع الصيام؟ شاركنا نصائحك الفعالة في التعليقات!
للمزيد من المعلومات الطبية المفيدة يرجى متابعة صفحتنا على الفيس بوك