شعورك بخفقان سريع في صدرك، تسارع فجائي في نبضات القلب، وربما رعشة خفيفة أو دوخة… مشاهد مألوفة قد تعيشها خلال نوبة قلق، بعد مجهود بدني، أو حتى وأنت جالس بهدوء. هنا يبدأ السؤال المُربك: هل ما أشعر به ناتج عن مشكلة في القلب؟ أم هو مجرد توتر؟. الحقيقة أن تسارع ضربات القلب قد يكون عرضًا بسيطًا وعابرًا، لكنه أحيانًا يكون علامة مبكرة على وجود اضطراب قلبي يتطلب تقييمًا طبيًا دقيقًا.
المشكلة تكمن في أن القلب لا يفرّق دائمًا بين التوتر النفسي والحالة العضوية، فالنبض السريع هو وسيلة استجابة طبيعية لمواقف التوتر أو الخوف، لكنه أيضًا قد يكون نتيجة خلل في الإشارات الكهربائية للقلب أو اختلال في ضغط الدم أو مستويات الأكسجين. لذا، من المهم أن تُميّز متى يكون تسارع القلب طبيعيًا ومتى يكون إنذارًا خطيرًا لا يجب إغفاله.
في هذا المقال، سنأخذك في رحلة طبية مبسطة وعميقة لفهم كل جوانب تسارع ضربات القلب: من أسبابه الشائعة والخطيرة، إلى علاقة القلق والضغط النفسي بهذا العرض المزعج، وصولًا إلى طرق التشخيص والعلاج
هل دقات قلبك تخبرك بشيء؟ تابع القراءة… فقد تكون الإجابة هنا.
ما هو تسارع ضربات القلب؟ ومتى يُعد طبيعيًا؟
تسارع ضربات القلب يُعرف طبيًا باسم “Tachycardia”، ويقصد به أن يزيد معدل النبض عن 100 نبضة في الدقيقة لدى الشخص البالغ أثناء الراحة. لكن هذا لا يعني دائمًا وجود خلل، فالقلب يسرع نبضاته بشكل طبيعي في حالات مثل: الرياضة، التوتر، الحمى، أو تناول الكافيين. لذا، لفهم ما إذا كان التسارع طبيعيًا أو مرضيًا، يجب أولًا معرفة الظروف التي يحدث فيها.
قد يهمك أيضا: أسباب الدوخة وعدم الاتزان: لماذا يحدث ذلك وكيف تتعامل معه؟
يوجد نوعان أساسيان لتسارع القلب:
- تسارع جيبي Sinus Tachycardia: يحدث كرد فعل طبيعي للجسم.
- تسارع غير طبيعي: مثل الرجفان الأذيني أو تسارع فوق بطيني، ويكون ناتجًا عن مشكلة في كهربية القلب.
المشكلة تظهر حين يُصاحب التسارع أعراض مزعجة مثل الدوخة، الإغماء، ألم في الصدر، أو ضيق التنفس، مما يستدعي فحصًا عاجلًا. من المهم تسجيل معدل النبض في أوقات مختلفة، ومعرفة ما إذا كانت الأعراض متكررة أو مرتبطة بنشاط معين. لأن الفهم الدقيق لطبيعة التسارع هو الخطوة الأولى للتشخيص الصحيح.

الأسباب الشائعة لتسارع ضربات القلب: من القهوة إلى القلق
أسباب تسارع ضربات القلب عديدة ومتنوعة، تبدأ من أبسط الأسباب مثل التوتر النفسي وتنتهي بأمراض قلبية تحتاج إلى تدخل عاجل. إليك أبرز الأسباب:
- القلق والضغط النفسي: وهو من أكثر الأسباب شيوعًا، حيث يفرز الجسم الأدرينالين الذي يسرّع نبض القلب.
- تناول الكافيين بكثرة: مثل القهوة، مشروبات الطاقة، والشاي.
- الحمى أو الجفاف: حيث يحتاج الجسم لضخ كمية دم أكبر لتوزيع الحرارة.
- فقر الدم ونقص الحديد: يؤديان إلى تعويض نقص الأكسجين برفع معدل النبض.
- فرط نشاط الغدة الدرقية: تسرّع عملية الأيض وبالتالي تزيد نبضات القلب.
- الأدوية مثل مضادات الاحتقان أو بعض أدوية الربو.
- التدخين والمخدرات: ترفع الأدرينالين وتجهد القلب.
معرفة السبب مهم جدًا، لأنه في أغلب الحالات، علاج السبب يُنهي العرض. وفي حالات مثل التوتر، يمكن تقليل الخفقان من خلال تقنيات الاسترخاء والتنفس العميق دون الحاجة إلى أدوية.
متى يكون تسارع ضربات القلب علامة على مرض قلبي؟
رغم أن تسارع ضربات القلب غالبًا ما يكون حميدًا، إلا أن هناك حالات يكون فيها مؤشرًا على أمراض قلبية خطيرة. من أهمها:
- اضطراب النظم القلبي: مثل الرجفان الأذيني أو الرفرفة الأذينية، حيث يحدث خلل في الإشارات الكهربائية المنظمة لضربات القلب.
- أمراض الشرايين التاجية: التي قد تؤدي إلى ضعف عضلة القلب وتسارع غير منتظم.
- قصور القلب: حيث يحاول القلب المعطوب تعويض نقص الضخ بتسريع النبض.
- أمراض صمامات القلب التي تُعيق تدفق الدم وتجهد القلب.
ما يثير القلق هو تسارع القلب أثناء الراحة أو أثناء النوم، أو إذا كان متكررًا ومصحوبًا بأعراض مثل: الإغماء، ألم في الصدر، صعوبة في التنفس. في هذه الحالة، من الضروري مراجعة الطبيب فورًا وإجراء فحوصات مثل تخطيط القلب ECG، والهولتر 24 ساعة، وتحاليل الدم لمعرفة السبب بدقة.
القلق أم القلب؟ كيف تفرّق بين التوتر وتسارع القلب المرضي؟
من أكثر الأسئلة الشائعة: “هل القلق يسبب خفقان القلب؟“ والإجابة هي نعم، وبشدة. القلق يُعتبر من أكثر الأسباب شيوعًا لتسارع ضربات القلب، حيث يُحفز الجهاز العصبي على إفراز الأدرينالين، مما يسرّع النبض ويزيد التوتر. لكن الفرق بين تسارع القلب بسبب القلق والسبب القلبي يمكن تحديده من خلال بعض العلامات:
- القلق يسبب تسارعًا مؤقتًا يزول بالراحة أو التنفس العميق.
- القلق غالبًا ما يكون مصحوبًا بأفكار سلبية وتوتر عضلي.
- التسارع المرضي قد يظهر دون سبب واضح أو أثناء النوم، ويصاحبه أعراض جسدية أقوى.

يمكن للطبيب تأكيد الفرق من خلال إجراء تخطيط قلب أو مراقبة النبض على مدار اليوم. وفي بعض الحالات، يكون الحل المشترك: علاج القلق مع متابعة القلب، خاصة إذا كانت الأعراض متداخلة و يبقى الخيار الأفضل دائما هو استشارة الطبيب في مثل هذه الحالات.
كيف يتم تشخيص تسارع ضربات القلب؟ وما الفحوصات المطلوبة؟
تشخيص تسارع القلب يبدأ دائمًا بأخذ التاريخ المرضي والفحص السريري الدقيق، ثم تُجرى الفحوصات التالية حسب الحالة:
- تخطيط القلب ECG: لقراءة الإشارات الكهربائية للقلب.
- هولتر 24 ساعة: جهاز يُسجل نبض القلب طوال اليوم لاكتشاف التسارع المتقطع.
- تخطيط القلب بالمجهود: لتقييم استجابة القلب عند النشاط البدني.
- تحاليل الدم: مثل نسبة الهيموغلوبين، وظائف الغدة الدرقية، والأيونات.
- إيكو القلب: لفحص بنية القلب وحجم الحجرات والصمامات.
من المهم أن تسجل أعراضك بدقة، مثل متى تبدأ؟ كم تستمر؟ هل تأتي مع دوخة أو ألم صدر؟ لأن هذه التفاصيل تُساعد الطبيب على تحديد سبب التسارع بدقة، مما يُمهد لاختيار خطة العلاج المناسبة، سواء دوائية أو سلوكية.
كيف يمكن علاج تسارع القلب؟ وهل يمكن الوقاية منه؟
علاج تسارع القلب يعتمد بشكل كامل على السبب. إذا كان مرتبطًا بالتوتر أو الكافيين، فيكفي تعديل نمط الحياة لتختفي الأعراض. أما إذا كان ناتجًا عن اضطراب قلبي، فالعلاج يكون أكثر تحديدًا:
- أدوية تنظيم ضربات القلب
- علاج القلق والتوتر من خلال جلسات نفسية أو أدوية بسيطة.
- الإقلاع عن الكافيين والتدخين وممارسة تمارين التنفس.
- علاج الغدة الدرقية في حال وجود فرط نشاط.
- في بعض الحالات النادرة، يتم استخدام الكي الكهربائي للقلب لعلاج الرجفان المزمن.
الوقاية تبدأ بمعرفة محفزاتك الخاصة: هل هي القهوة؟ السهر؟ التوتر؟ واتباع روتين صحي متوازن. وبتكرار بسيط: الوعي بنبض قلبك هو بداية الأمان الصحي.
للمزيد من المعلومات الطبية القيمة وارشادكم لامهم الاطباء يرجى متابعة صفحاتنا على السوشال ميديا