عندما نسمع كلمة “سرطان الثدي”، يتبادر إلى أذهاننا فورًا القلق والخوف، وهذا أمر طبيعي. لكن ما لا يعرفه كثيرون هو أن الوعي والمعرفة هما السلاح الأقوى في مواجهة هذا المرض. فسرطان الثدي ليس حُكمًا نهائيًا بالموت، بل هو مرض قابل للكشف المبكر والعلاج، بل والشفاء الكامل في كثير من الحالات إذا تم التعامل معه في الوقت المناسب. الخطوة الأولى تبدأ بالمعرفة… ومعرفة حقيقية.
سرطان الثدي هو أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء حول العالم، بل ويُصيب واحدة من كل ثماني نساء خلال حياتها. لكنه في الوقت نفسه من أكثر السرطانات قابلية للعلاج عند اكتشافه مبكرًا. الأهم من ذلك أن جزءًا كبيرًا من عوامل خطر الإصابة به يمكن تقليلها من خلال تعديل نمط الحياة وإجراء الفحوصات الدورية.
في هذا المقال، سنأخذك في رحلة توعوية شاملة تكشف لك كل ما تحتاجين معرفته عن سرطان الثدي: من العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة، إلى أعراضه التي قد تخفى على كثيرات، وصولًا إلى الطرق المتقدمة للكشف المبكر والوقاية. سنعتمد على تبسيط المعلومات دون إغفال الجوانب العلمية، مع استخدام الكلمات المفتاحية الأكثر بحثًا على الإنترنت حتى يصل المقال لأكبر عدد من الباحثات عن المعرفة والطمأنينة. فلنبدأ.
ما هو سرطان الثدي؟ وكيف يبدأ؟
سرطان الثدي هو نوع من الأورام الخبيثة التي تنشأ في خلايا الثدي، وغالبًا ما يبدأ في القنوات التي تنقل الحليب أو في الفصوص المنتجة له. يحدث السرطان عندما تبدأ الخلايا في الانقسام والنمو بشكل غير طبيعي، فتتكوّن كتلة أو ورم يمكن أن يكون حميدًا أو خبيثًا، والخطر يكمن في أن الخلايا السرطانية يمكن أن تنتقل إلى أماكن أخرى في الجسم.
رغم أن سرطان الثدي يُصيب النساء في الأغلب، إلا أنه قد يصيب الرجال أيضًا بنسبة صغيرة (أقل من 1%). ما يميز هذا النوع من السرطان هو أن تطوره قد يكون بطيئًا في بعض الحالات وسريعًا جدًا في حالات أخرى، مما يجعل الكشف المبكر أمرًا بالغ الأهمية. في مراحله المبكرة، قد لا تظهر أي أعراض واضحة، ولهذا السبب من الضروري إجراء الفحص الدوري حتى عند عدم وجود أي شكوى.
ما يجب التأكيد عليه أن سرطان الثدي ليس مرضًا واحدًا، بل مجموعة من الأنواع المختلفة التي تختلف في السلوك وطرق العلاج، مثل: السرطان القنوي الموضعي (DCIS)، السرطان الغازي، وسرطان الثدي الثلاثي السلبي. هذه الأنواع تختلف في درجة العدوانية والاستجابة للعلاج، مما يجعل التشخيص الدقيق أساسيًا لبناء خطة علاج ناجحة.

أعراض سرطان الثدي: متى يجب أن تشعري بالقلق؟
في مراحل مبكرة، قد لا تظهر أعراض لسرطان الثدي، لذلك يُعتبر الفحص الذاتي والدوري الوسيلة المثلى للكشف عنه. ومع ذلك، هناك أعراض يجب ألا تتجاهليها أبدًا، ومن أبرزها:
- ظهور كتلة أو تورم في الثدي أو تحت الإبط، غالبًا غير مؤلم.
- تغير في شكل أو حجم الثدي بشكل مفاجئ.
- إفرازات غير طبيعية من الحلمة، خاصة إذا كانت دموية.
- تغيرات في جلد الثدي مثل الاحمرار أو التقرح أو تشبه “قشرة البرتقال”.
- انقلاب الحلمة إلى الداخل أو ألم مستمر فيها.
- شعور بثقل أو ألم مستمر في الثدي لا يرتبط بالدورة الشهرية.
ليس كل تورم في الثدي يعني وجود سرطان، فهناك أكياس وأورام حميدة شائعة، لكن من الأفضل دومًا استشارة الطبيب وإجراء الفحوصات اللازمة عند ملاحظة أي تغير. الكشف المبكر يتيح علاجًا أقل تعقيدًا ويزيد من معدلات النجاة بنسبة تتجاوز 90%.
قد يهمك أيضا: الكتف المتجمد: أسباب التيبس والعلاج الفعّال لاستعادة الحركة
عوامل خطر سرطان الثدي: هل أنتِ معرضة أكثر من غيرك؟
رغم أن سرطان الثدي قد يصيب أي امرأة، إلا أن هناك عوامل تزيد من احتمالية الإصابة، ومن أهمها:
- العمر: كلما تقدمتِ في السن، زادت فرص الإصابة.
- الوراثة: وجود تاريخ عائلي (أم، أخت، خالة) يزيد من الخطر، خاصة مع وجود طفرات في جيني BRCA1 وBRCA2.
- التغيرات الهرمونية: مثل بدء الدورة مبكرًا أو انقطاعها في سن متأخرة.
- عدم الإنجاب أو تأخره، وعدم الرضاعة الطبيعية.
- السمنة وقلة النشاط البدني.
- الإفراط في شرب الكحول والتدخين.
- استخدام الهرمونات التعويضية لفترة طويلة بعد انقطاع الطمث.
بعض هذه العوامل لا يمكن التحكم فيه، مثل العامل الوراثي، لكن كثير منها يمكن التخفيف من تأثيره من خلال نمط حياة صحي. لذلك، يعتبر التثقيف الصحي أداة فعالة في الوقاية وتقليل نسب الإصابة.
الكشف المبكر عن سرطان الثدي: لماذا يُنقذ الأرواح؟
الكشف المبكر هو حجر الزاوية في محاربة سرطان الثدي. تشير الدراسات إلى أن الفحص المنتظم يزيد من نسبة الشفاء الكلي ويقلل الحاجة للعلاجات المعقدة أو الاستئصال الكلي. الوسائل المتوفرة حاليًا تشمل:
- الفحص الذاتي الشهري للثدي، ويفضل أن يتم بعد انتهاء الدورة الشهرية.
- الفحص السريري بواسطة الطبيب كل 1-3 سنوات للنساء في سن العشرينات والثلاثينات، وكل سنة بعد سن الأربعين.
- التصوير الشعاعي للثدي (الماموجرام)، ويُنصح به سنويًا بدءًا من سن الأربعين، أو قبل ذلك في حال وجود تاريخ عائلي.
في حالات معينة، يُستخدم التصوير بالموجات فوق الصوتية (السونار) أو الرنين المغناطيسي للثدي لتأكيد التشخيص أو فحص النساء الأكثر عرضة للخطر. كل فحص قد يُنقذ حياة، وكل دقيقة تَأخير تُقلل من فرص الشفاء، لذلك احرصي على جعل الكشف عادة سنوية لا غنى عنها.
الوقاية من سرطان الثدي: هل يمكن فعلاً تقليل خطر الإصابة؟
نعم، وبشكل كبير. رغم أن بعض عوامل الخطر خارجة عن الإرادة، إلا أن تغييرات بسيطة في نمط الحياة يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا. من أبرز النصائح الوقائية:
- الحفاظ على وزن صحي، لأن السمنة تُزيد من خطر الإصابة بعد انقطاع الطمث.
- ممارسة الرياضة بانتظام، ولو لمدة 30 دقيقة يوميًا.
- اتباع نظام غذائي غني بالخضار والفواكه وقليل الدهون المشبعة.
- الإقلاع عن التدخين والكحول.
- الرضاعة الطبيعية لفترات أطول، حيث تقلل من خطر الإصابة.
- مراقبة أي تغيرات في الثدي والفحص المستمر.
كذلك، إن كنتِ ضمن الفئة عالية الخطورة، قد ينصحك الطبيب بمتابعة دقيقة باستخدام الرنين المغناطيسي، أو حتى بعلاج وقائي هرموني أو جراحي في بعض الحالات النادرة جدًا. المفتاح هو المعرفة ثم الوقاية.
لإرشادك لأهم الأطباء يرجى عدم التردد في التواصل معنا بالضغط على الرابط
رسالة لكل امرأة: اعرفي جسدك ولا تهملي إشاراته
سرطان الثدي قد يبدو كابوسًا مخيفًا، لكن الحقيقة أن أكبر قوة بيدك لمواجهته هي الوعي والمعرفة والاستعداد. كل امرأة يجب أن تتعلم كيف تفحص نفسها، ومتى تزور الطبيب، وما هي عوامل الخطر لديها. لا تتركي الخوف يمنعك من اتخاذ الخطوات التي قد تنقذك. العالم اليوم يمتلك أدوات تشخيصية وعلاجية متطورة جعلت من سرطان الثدي مرضًا قابلًا للشفاء بنسبة كبيرة.
تذكري أن كل فحص مبكر هو رسالة حب لنفسك، وكل قرار بالاهتمام بصحتك هو خطوة نحو حياة أطول وأكثر راحة. كوني قوية، وكوني واعية، وابدئي اليوم.